خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023 م بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 17 محرم 1445هـ ، الموافق 4 أغسطس 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحمد في القرآن والسنة.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023 م بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور محروس حفظي :
(1) الحمدُ مِن صفاتِ اللهِ عزّ وجل، والأنبياءِ عليهم السلامُ، وأهلِ الجنةِ.
(2) مِن مواطنِ الحمدِ في القرآنِ الكريمِ والسنةِ المشرفةِ .
(3) أين نحنُ مِن الحمدِ؟! .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023 م بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
خطبة بعنوان: «الحمدُ في القرآنِ والسنةِ»
بتاريخ 17 محرم 1445 هـ = الموافق 4 أغسطس 2023 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ ، أمّا بعدُ،،
لفظُ “الحمد” ما أحسنهَا مِن كلمةٍ، فهي تخرجُ مِن قلبٍ صابرٍ، أو لسانٍ ذاكرٍ، أو عبدٍ شاكرٍ، إنَّها مِن أطيبِ ما تعطَّرتْ بلفظهِ الأفواهُ، واستراحتْ به النفوسُ، وكَثُرتْ به الأجورُ، وارتفعتْ به المنزلةُ عندَ اللهِ ربِّ العالمينَ،بها يُعمَّرُ الجَنانُ، تخرجُ مِن بينِ شفاهِ القلوبِ قبلَ شفاهِ الأسنانِ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس
(1) الحمدُ مِن صفاتِ اللهِ عزّ وجلّ، والأنبياءِ عليهمُ السلامُ، وأهلِ الجنةِ:
إنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤُه هو المُستحِقُّ للحمدِ على الإطلاقِ، كما قالَ تعالى عن نفسِه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وقد تكرَّرَتْ هذه الآيةُ بلفظِهَا في “ستةِ مواضِعَ” مِن القرآنِ كما تكرَّرَتْ كلمةُ “الحمدُ للهِ” في كتابِ اللهِ تعالى في “ثلاثةٍ وعشرينَ موضعًا”، وافتتحَ اللهُ بها خمسَ سُوَرٍ مِن كتابِه العظيمِ هي “الفاتحةُ، الأنعامُ، الكهفُ، سبأُ، فاطرُ”، وقد ذكرَ العلماءُ أنّ الألفَ واللامَ في لفظِ “الْحَمْدُ” في جميعِ المواضعِ إنّما هي للاستغراقِ أي: هو الذي له جَمِيعُ المَحامِدِ بأسْرِهَا، وليس ذلك لأحدٍ إلاَّ للهِ تعالى، ولا نُحْصِي ثناءً عليه، هو كما أثنَى على نفسِه، فاللهُ هو الحميدُ في ذاتِه، وفي صفاتِه، وفي أسمائِه، وفي أفعالِه، كما أنّه افتتحَ تلك السورَ بلفظِ الخبرِ دونَ الإنشاءِ فلم يقلْ: “احمدُوا اللهَ”؛ لأنّ الأمرَ فيه كلفةٌ ومشقةٌ وصعوبةٌ على النفسِ فأرادَ اللهُ أنْ يمهدَ لِمَا يأتِ بعدُ مِن الآوامرِ كي يستقبلَهَا المسلمُ باستسلامٍ وخضوعٍ وانقيادٍ.
لقد حمدَ اللهُ نفسَهُ؛ لأنَّه علمَ أزلًا كثرةَ نعمِهِ على خلقِه، وعجزَهُم عن القيامِ بواجبِ شكرِهَا فحمدَ ذاتَهُ، فلا يضرُّه حمدَ الحامدين، وجحودَ المعرضين قال ﷺ فِيمَا رَوَى ربه أَنَّهُ قَالَ:«يا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا»(متفق عليه).
كما أنَّ الحمدَ مِن أخصِّ صفاتِ الأنبياءِ – عليهم السلام- فهي أولُ ما نطقَ بها آدمُ عليه السلامُ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ..» (الترمذي وحسنه)، وقال نوحٌ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، وقال إبراهيمُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ﴾، وقال داودُ وسليمانُ عليهما السلام:﴿وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وأمرَ بها سبحانَه سيّدَ المرسلينَ فقالَ: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾، وقال له: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، وحالُ أهلِ الجنةِ يقولونَ فيها:﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾، ويقولون: ﴿وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ﴾، ويقولون: ﴿وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ .
إنّ الحمدَ هي صلاةُ جميعِ المخلوقاتِ وبها يُرزَقُ الخلقُ قال ﷺ: «.. وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ: فَإِنَّهَا صَلاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وفي لفظ: “يُرزَقُ بها كلُّ شيءٍ”» (أحمد، صحيح)، وهو مِن أسبابِ رضَا الربِّ– سبحانَهُ– على العبدِ في الدنيا قال ﷺ:«إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» (مسلم)، كمَا أنّ الحمدَ سببُ الأفضليةِ يومَ القيامةِ قال ﷺ:«إِنَّ أفْضَلَ عِبادِ اللَّهِ يَوْمَ القيَامَةِ الحَمَّادُونَ» (الطبراني، صحيح)، وإذا حَمِدْتَ اللهَ في الصلاةِ، تنافَسَت الملائكةُ لِتسجيلِهَا في صحائِفِكَ البيضاء؛ لِعِظَمِ قَدْرِ هذه الكلماتِ، وعظيمِ ثوابِهَا، ورِفعةِ درجةِ صاحِبِهَا؛ فإنَّ النبيَّ ﷺ كان يُصلِّي بأصحابِه فرفعَ رأسَهُ مِن الركوعِ فقالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ، قَالَ: أَنَا. قَالَ: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» (متفق عليه) .
فكلمةُ “الحمد” لها منزلةٌ عظيمةٌ، ومكانةٌ رفيعةٌ فعَنْ أَنَسٍ قَالَ:«كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جَالِسًا فِي الْحَلْقَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ على النبي ﷺ وَالْقَوْمِ، فَلَمَّا جَلَسَ الرَّجُلُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيراً طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا أَنْ يُحْمَدَ وَيَنْبَغِي لَهُ، فَقَالَ لَهُ ﷺ: كَيْفَ قُلْتَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ، فَقَالَ ﷺ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدِ ابْتَدَرَهَا عَشَرَةُ أَمْلاَكٍ كُلُّهُمْ حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَكْتُبَهَا فَمَا دَرَوْا كَيْفَ يَكْتُبُوهَا حَتَّى يَرْفَعُوهَا إِلَى ذِي الْعِزَّةِ فَقَالَ اكْتُبُوهَا كَمَا قَالَ عَبْدِى» (أحمد) .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس
(2) مِن مواطنِ الحمدِ في القرآنِ والسنةِ:
يُسنُّ للعبدِ أنْ يكثرَ الحمدَ للهِ تعالى في مواطنَ كثيرةٍ منهَا:
أولًا: عندَ النومِ والاستيقاظِ: جعلَ اللهُ النومَ الوفاةَ الصغرَى حيثُ قالَ:﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾؛ لذا يُستحبُّ للعبدِ إذا آوىَ إلى فراشِه وإذا استيقظَ أنْ يحمدَ اللهَ أنْ أحياهُ بعدَ موتِه، فليبادرْ إلى طاعتِه وليحذرْ معصيتَه؛ إذ القادرُ على إحيائِه بعدَ وفاتِه قادرٌ على أنْ يأخذَهُ على ما هو عليهِ مِن معاصِي ومخالفاتٍ فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا» وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» (البخاري)، ويُسنُّ الحمدُ عندَ النومِ؛ لأنّ هذا أدعَى إلى تذكرِ نعمِ اللهِ على العبدِ، بل قد يَجُبُّ بعضَ ما ارتكبَهُ في يومِه مِن ذنوبٍ، ويعرفُهُ فضلَ اللهِ عليهِ فكمْ مِن الخلقِ مَن لا مأوَى له يأوِي إليه ويستريحُ مِن عناءِ الدنيا فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا، وَسَقَانَا، وَكَفَانَا، وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ، وَلَا مُؤْوِيَ» (أبو داود)، بهذا يكونُ الحمدُ أولَ ما يبدأُ به العبدُ يومَه وآخرَ ما ما يختمُ به العبدُ ليلتَهُ.
ثانيًا: الحمدُ على ما فيكَ مِن الخصالِ الحميدةِ: عن أشجِّ عبدِ القيسِ قال: قال لِيَ النبيُّ ﷺ: «إنَّ فيكَ لخلقينِ يحبهُمَا اللهُ»، قلتُ: وما هما يا رسولَ اللهِ؟ قال: «الحلمُ والحياءُ، قلتُ: قديمًا كان أو حديثًا؟ قال: قديمًا، قلتُ: الحمدُ للهِ الذي جبلنِي على خلقينِ أحبهُمَا اللهُ» (الأدب المفرد) .
ثالثًا: عقبَ العطسِ: لِأَنّ العطاسَ يحلُّ مرابطَ الْبدنِ ومفاصلِه، وتنفتحُ المسامُ وصمائمُ الأجهزةِ المخرجةِ للسمومِ والرطوباتِ منِ الدماغِ وسائرِ الجسدِ فيخفُّ البدنُ وينشطُ الفكرُ فيكونُ داعيةً إلى النشاطِ في العبادةِ قال ﷺ: “إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ” (البخاري)، وقد حرصَ السلفُ الصالحُ على هذا الهديِ النبوِي فقد أخرجَ ابنُ عبدِ البرِّ بسندٍ جيدٍ عن أبي داود السجستاني: “أنّه كان في سفينةٍ فسمعَ عاطسًا على الشطِّ حمدَ، فاكترَى قاربًا بدرهمٍ حتى جاء إلى العاطسِ فشمتَهُ ثم رجعَ، فسئلَ عن ذلك فقال لعلَّهُ يكونُ مجابَ الدعوةِ، فلمّا رقدُوا سمعُوا قائلًا يقولُ: يا أهلَ السفينةِ إنَّ أبا داودَ اشترى الجنةَ مِن اللهِ بدرهمٍ” (فتح الباري).
حتى أنّ العلماءَ ذكروا أنّ المسلمَ لو نسَي الحمدَ بعدَ العطاسِ يُستحبُّ لِمَن بجوارِه أنْ يذكرَهُ قال الإمامُ النوويُّ: “ويُستحبُّ لمَن حضرَ مَن عطسَ فلم يحمدْ أنْ يذكرَهُ بالحمدِ ليحمدَ فيشمتَهُ، وقد ثبتَ ذلك عن إبراهيمَ النخعِي، وهو مِن بابِ النصيحةِ والأمرِ بالمعروفِ” أ.ه. (شرح النووي على صحيح مسلم) .
رابعًا: عقبَ الأكلِ والشربِ واللباسِ: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ، وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا» (أبو داود)، وقال ﷺ: «وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي، وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» (أبو داود)، فانظر كيف أنّ العبدَ إذا داومَ على الحمدِ في طعامِه ولباسِه يُغفَر له ما تقدّمَ مِن ذنبِه؛ وقد كان ﷺ يقولُ “الحمدُ للهِ” عندَ رفعِ المائدةِ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا» (البخاري) .
تابع / خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس
خامسًا: عندَ رؤيةِ أهلِ البلاءِ والمصائبِ: قال ﷺ: “مَنْ رَأَى مُبْتَلًى، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلَاءُ “ (الترمذي وحسنه) .
سادسًا: عندَ ركوبِ الدابةِ أو وسيلةِ المواصلاتِ… إلخ: فعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» ثَلَاثًا، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ»، ثُمَّ قَالَ: ” ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾، ثُمَّ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ» ثَلَاثًا، «اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا …» (الترمذي وحسنه) .
سابعًا: عندَ وقوعِ العبدِ في البلاءِ والمحنِ والمصائبِ: قال ﷺ قَال اللَّهُ عزّ وجلّ:«يَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَبَضْتَ وَلَدَ عَبْدِي، قَبَضْتَ قُرَّةَ عَيْنِهِ وَثَمَرَةَ فُؤَادِهِ»، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قَالَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. قَالَ: «ابْنُوا لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ» (أحمد، وابن حبان) .
ثامنًا: عندَ رؤيةِ ما تحبُّ أو تكرَه: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» (ابن ماجه)، كيف لا! وهو العليمُ الحكيمُ، الفعَّالُ لِمَا يُريدُ، فمهمَا يقضِي ويُقدِّرُ فهو المُوَافِقُ للحكمةِ البالغةِ، والعلمِ التامِ، وينبغِي للعبدِ أنْ يحمدَ اللهَ عندَ حصولِ النعمةِ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي أَعْطَى أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ” (ابن ماجه) .
تاسعًا: الحمدُ للهِ لمَن لا يُحسنُ الفاتحةَ: عن عبدِ اللهِ بنِ أبِـي أَوْفَـى قالَ : جاءَ رجلٌ إلـى رسولِ الله ﷺ فقالَ: “إنِّـي لا أُحْسِنُ القرآنَ، فَعَلِّـمْنِـي شيئاً يُجْزِيْنِـي من القرآنِ، قال : “الـحمدُ للَّهِ، وسبحانَ الله، ولا إلهَ إلاَّ الله، والله أكبرُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله”، فلـما عَقَدَ علـيهنَّ قالَ: يا رسولَ الله هذِهِ لِرَبِّـي ، فَماذَا أقولُ لِنَفْسِي؟ قال: “قُلْ: اللهمَّ اغْفِرْ لِـي وارْحَمْنِـي واهْدِنِـي وارزُقْنِـي وعافِنِـي”، قالَ: فَقَبَض علـيهنَّ ثم وَلَّـى فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: قَدْ مَلأَ هَذَا يَدَيْهِ من الـخَيْرِ” (ابن أبي شيبة، البيهقي) .
عاشرًا: الحمدُ للهِ عندَ انقضاءِ الأمرِ: دائمًا ما يذكرُ الناسُ كلمةَ الحمدِ بعدَ نهايةِ كلِّ قولٍ أو عملٍ لا سيّمَا ما كان شاقًّا منه، وصاحبُهُ متخوفٌ مِن الفشلِ في الإنجازِ، وللهِ المثلُ الأعلَى إذا فرغَ سبحانَهُ مِن الفصلِ بينَ خلقِه خيرًا أو شرًّا، فلهُ الحمدُ على ذلك، تحمدُهُ جميعُ الخلائقِ قال ربُّنَا: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وقال: ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ .
حادي عشر: الحمدُ للهِ عندَ زوالِ الأذَى: مِن أعظمِ الأذَى الذي يحملُهُ الإنسانُ هو الخارجُ مِن السبيلينِ، فبقاؤهُمَا في جسدِه يمثلُ خطرًا داهمًا على حياتِه، وربَّمَا سببَ الموتَ المفاجئَ، ولذلك أكرمَ اللهُ الإنسانَ وجعلَ له طريقًا يخرجُ أذاهُ، فإذا ما خرجَ هذا الأذَى نُدبَ للعبدِ أنْ يشكرَ مولاهُ، فقد كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ قَالَ: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَذَى وَعَافَانِي” (ابن ماجه) .
ثانِي عشر: الحمدُ للهِ عندَ ثبوتِ الحجةِ على الغيرِ: كم مِن الناسِ مَن يقفُ منذهلًا أمامَ خصمِه، فمَن آتاهُ اللهُ الحجةَ والبرهانَ على خصمِه فعليهِ أنْ لا يغفلَ عن حمدِ ربِّه، إذ هو هو الذي دلَّهُ على مواطنِ الأدلةِ الدامغةِ، والحججِ القاطعةِ؛ ليرهقَ خصمَهُ ويحرجَهُ قال ربُّنَا في حقِّ مَن أدحضتْهُم البراهينُ الكونيةُ: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾، وقال: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس
(3) أينَ نحنُ مِن الحمدِ؟!:
أيُّها الأحبابُ: “الكونُ كلُّه ناطِقٌ بحمدِ اللهِ تعالى، وقائِمٌ بحمدِه، وكلُّ مَوْجُودٍ شاهِدٌ بحمدِه، وإرسالُهُ رسولَهُ بحمدِه، وإنزالُهُ كتُبَهُ بحمدِه، والجنةُ عَمُرتْ بأهلِهَا بحمدِه، والنارُ عَمُرتْ بأهلِهَا بحمدِه، وما أُطيعَ إلَّا بحمدِه، ولا يتحرَّكُ في الكونِ ذرةٌ إلاَّ بحمدِه، وهو المحمودُ لذاتِه وإنْ لم يحمدْه العباد، فلهُ الحمدُ كلُّهُ، وله المُلكُ كلُّهُ، وبيدهِ الخيرُ كلُّهُ، وإليهِ يُرجَعُ الأمرُ كلُّهُ” مدارج السالكين (2/ 215).
اجعلْ أيُّها المسلمُ لفظَ “الحمدِ” لا يفارقُ لسانَكَ في كلِّ شؤونِك وفي كلِّ أحوالِك مقتديًا مهتديًا برسولِهِ ﷺ، ردِّدْ هذه الكلمةَ مِن أعماقِك، اهتفْ بها مِن داخلِكَ، قلْهَا بروحانيةٍ مع خفقانِ قلبِك، احمدْ اللهَ على نعمِه التي لا تُحصَى تُرزقْ المزيدَ منها ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾، واقنعْ بمَا رزقَكَ اللهُ ولا تنظرْ إلى مَن هو أعلَى منكَ في الدنيا قال ﷺ:«إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ» (متفق عليه).
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّه أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ .
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف